الأحد، 11 يوليو 2010

شارع حلب

شارع حلب بالموصل عزيز على القلب لما يحتويه من رجال مختلفي المشارب متنوعي الطباع متعددي الاهواء، لا نستطع ان نمتدحهم و لا نذمهم، لانهم بشر مزيج من الاسود و الابيض.


ههنا احدهم وهو ذلك  الاكول الذواق المحدث الحميمي السمير الظريف الذي لا يشق له غبار و المعبأ بكم هائل من الذكريات، وهو نموذج الرجال النادرين , ينشد صفاء الذهن في صخب  المقاهي والهدوء في  المحلات المكتضة بالناس، و الالهام في تاكسي ديزوتو صنع 1954 ما تزال تجوب شوارع مدينة الموصل فتراه راكبا في المقعد الخلفي في التاكسي و هو يدخن السيكارة بنهم اذ هو في لجة تحسس شعري بالحياة اشاعه في قلبه الفسيح ثلاث عبوات فريدة  في احد المحلات. في الصخب و صياحات ارباب المحلات العامة على عمالهم يتجوهر الهدوء في مقاهي شارع حلب حيث اللمة و شرب الشاي تحت سحب دخان السكاير , سيما بفصل الشتاء حيث تتحرك سحب الدخان ببطء شديد نظرا لرطوبة الجو و هذا ما استغله جورج ستيفنز مخرج فلم "شين" حينما جاك بلانس يطلق النار على ايلايشا كوك في نهار شتوي فبعد اطلاق الرصاص نرى الدخان يتموج بلون حليبي في عدة لقطات مصورة بالوان تكنيكولور الطبيعية الزاهية . في لجة حميمية الاحاديث و شعرية التواصل في هذا الشارع وجدت مختبرا لقابلية منابع الشعر و قابليتها في التفجير اللغوي شعرا. ان هذا التفجير الشعري للكلمات و انت تشرب الشاي في مقهى بشارع حلب حيث اللمة و العشرة و التواصل الحشاشي لا تضاهيه جلسة بفندق خمس نجوم و انت بين الفينة و الاخرى تتحسس ربطة عنقك تحسبا للقيافة و انت بحضرة اناس جمعتك المصلحة المادية بهم على حساب حريتك و انطلاقك في الملبس و المأكل و المشرب و ---الكلام. ههنا بمقهى بشارع حلب ذلك الشعر الذي يلبي حاجة الفضاء الداخلي للانسان دون التطريب الخارجي فيصل الشعر الى الحشاشة من دون عكازات اللغة

يحس المرء بجلسة شرب شاي في شارع حلب انه في حضرة و جدانات مفتوحة تبدد الرتابة عبر اثارة بهجة الاستماع الى الاحاديث الآسرة و الحكايات المدهشة التي تلون رمادية رتابة اليوم. و كانت هناك مجموعة السميعة التي تحب الطرب من المقام العراقي و الدور المصري و الموال الشامي، و تسمع وتتذوق سماع عمالقة الطرب الكلاسيكيين، المحليين منهم و العرب، فمن هناك عملاق العمالقة الملا عثمان الموصلي، ثم سيد احمد الكفغ و سيد اسماعيل الفحام، و من بغداد الملا رشيد القندرجي، محمد الكبانجي و يوسف عمر، و من القاهرة سيد درويش، صالح عبد الحي، و من الشام ابو سلمو و صباح فخري. وكذلك كانت هذه المجموعة تمتلك ثقافة طرب فتراها مترعة بالأحاديث المسهبة عن تاريخ الاغاني و سير حيوات المطربين و الملحنين و المؤلفين اضافة الى تواريخ محلات الطرب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق