الأحد، 11 يوليو 2010

الباسطرمة و اطعمة موصلية اخرى

: الدولمة ، الباجة ، القوزي ,  طاوة تبسي (مسقعة)، باذنجان بلحم برزولة ، بامية عصاعيص مع ضلوع الخروف لحمة نخمي ، تشريب لحم زند ، علاوة على كبة الموصل المدورة بنصف قطر مسطرة , كبة حلب و هي كبة رز مدورة او مدببة. ناهيك عن الحلويات من البقلاوة، الزلابيا، زنود الست، الكاهي، الكنافة، و هناك بالذات بمدخل شارع حلب بالموصل محل حلويات لصاحبه ابو حمدو الحلبي منذ سنة 1940. من المطاعم الشهيرة بشارع حلب، مطعم السعدون بادارة عبد الله عقراوي الشهير بتقديم رؤوس خراف مشوية بالتنور، مطعم الفرات بادارة هرمز التكليفي و الذي يقدم انواع الرز و المرقة و المشويات، مطعم باجة لحم روست، لسان، مخ، كبة حلب، كبة بتيتة جاب بادارة احمد الديري.. اما شاي شارع حلب فبشهادة وزير التموين السيلاني قبل اكثر من ستين سنة فان اكثر دولتين في العالم اجمع تتذوقان، تحبان و تجيدان تخدير الشاي ثم تجلسان لشربه في اجواء محادثة حميمية هما بريطانيا و العراق، و لا ادل على حب البريطانيين لشرب الشاي من الروائي هنري جيمز في روايته ""صورة سيدة"" التي يفتتحها بشرح مسهب لمشهد افراد اسرة لندنية جالسين في حديقة المنزل يشربون الشاي، و لا ادل على حب العراقيين لشرب الشاي من ذي صاد في كانتواته النثرية المعنونة ""شرب الشاي في شارع حلب"ء".



المشهور عن الموصلي انه "حباب بطنه", فهو يخصص المبالغ الكثيرة لتناول احسن الاطعمة و الماكولات. هشام الصواف , محمد باسل قاسم العزاوي , حسيب الياس حديد , لازكين خدر الباراني و انا كنا  بقسم اللغة الانكليزية بجامعة الموصل، مر علينا حين من الدهر في شتوية العام الدراسي 1975/1976 كنا نذهب قبل شروق الشمس الى احد المطاعم لتناول وجبة الافطار و بحسب جدول باسماء المطاعم و اسم الزميل الذ سيدفع الفاتورة، و لقد اسمينا انفسنا جمعية الاكلات التراثية و انا من عندياتي اضفت كشعارات للجمعية عبارة بالالمانية هي Patcha Uber Alles أي ""الباجة فوق الجميع"" وهذا هو شعار المانيا النازية ""المانيا فوق الجميع"" deutchland Uber Alles و الشعار الاخر الذي اعطيته للجمعية هو Atta Der Grosse اي ""انه العظيم""و آتة هو اسم اشهر باجةجي بالموصل كنا ناكل الباجة عنده، وعبارة Der Grosse نشاتها من اسم مسرحية الكاتب السويسري دورينمارت Romulus Der Grosse "" روميليس العظيم"".من كثرة حب المواصلة للاكلات عندهم اسر استمدت اسماءها من اسماء الاكلات: كبابجي، القليةجي. كل هذه  دلائل تشير الى حب المواصلة  للاطعمة و الماكولات، و هذا امر ليس وليد الامس انما يعود الى فجر تاريخ المنطقة، حينما تضيق بيد كلكامش الحيل للحصول على الخلود تنصحه سيدوري  سيدة الحانة جملة من النصائح لتحقيق السعادة فتقول له من جملة ما تقول "و لتكن بطنك مملوءة على الدوام باطيب الطعام" كما و ان اعظم وليمة في العالم و في تاريخ هي تلك التي اقامها الامبراطور البابلي بلشزار و دعا اليها جميع حكام و شعوب الارض.

و الآن، هل اتاك حديث الباسطرمة؟


 يقول عميد الادب الانكليزي في القرن الثامن عشر الدكتور صموئيل جونسون (1709-1784) "الذي لا يهتم بالطعام لا يهتم بالحياة" كان جونسن اكولا نهما بحيث حينما يجلس الى المائدة لتناول الطعام مع جماعة كان ينهمك بماعونه و ينقطع اتصاله بالعالم الخارجي فتراه لا يتحدث ولا يتجاوب مع من يتحدث معه. لا تثريب على جونسن، اذ بملتي و اعتقادي، عملية الاكل هي حالة انقطاع ووجد صوفي، و هي بالاخير علامة من علامات مواصلة الحياة و دليل على التمتع بصحة جيدة. من تنتهي عنه الشهية للطعام يصاب بمرض نفسي-عضوي اسمه عياديا anorexia nervosa فترينه ينقطع عن تناول الطعام فيصيبه الهزال و المرض و في بعض الحالات الشديدة يكون الموت هو نهاية المطاف. انا سيدتي الفاضلة، مر علي حين من الدهر بمطلع السبعينات، وقعت في جحيم هذه الحالة ابان اوديسا انفعالية. الا انني وجدت في الاخير شاطئ النجاة على ضفاف لاكر البافارية. من الذين اصابتهم هذه الحالة الراحلة الاميرة ديانا. اشهر من اصابته هذه الحالة و في الاخر مات بسببها هو هيثكليف بطل رواية ايميلي برونتي ""مرتفعات ويذرنك"". الطعام هو كالشعر، احتفاء و احتفال بالحياة. احدى المرات، الممثلة الهوليودية اليزابت تايلر و زوجها حينئذ ريتشارد برتن سافرا من لندن الى روما من اجل تناول وجبة سباكيتي في احد المطاعم. من اشهر الاكالين في التاريخ هو تمورلنك الذي استخدم عنده امهر الطباخين و كانت اكلته المفضلة هي ديك رومي محشي بدراج محشي بالرز و ملحقات من اللوز و الكشمش و التوابل الفاخرة. ان "حب البطن" ملازم للانسان في طبيعته، فحينما نفخ الخالق الروح في ادم، راى ادم اول من راى، ليس حواء، انما فاكهة الجنة على الشجر حوله و من شدة كون آدم "حباب بطنه" نهض قبل ان تسري الروح في كامل جسده و هرع الى الثمار يأكلها بنهم، و لهذا تشير الاية ان الانسان خلق عجولا









35

 الكبة المشوية والسمنة تسيح منها مع عصير الرمان في مزرعة --- لعمري إنماهذاوصف من أوصاف فردوس النعيم وصف يضاهي لا بل ويبز وصف دانتي للفردوس في قصيدة الكبرى "الكوميديا المقدسة."وأن ذكرى ماعون باجة موصلية قد أججت لهيب شعلة مخيلتي ,كما يصف برنارد شو  يوليوس قيصر في مسرحية "قيصروكيليوبترة":"أتقدت مخيلته",  أضف من عندياتي وصفا تكميليا للفردوس الموصوف اعلاه. عروق تنور من التنورمع المخللات  وبصل أخضر وطاسة لبن بالماء المصقع والجلوس تحت تعريشة كما جلس بطل رواية ماغسيل بغوست "البحث عن الزمن الضائع "وتهب بين الفينة والأخرى هبة ربيع دافئة بعد زمهرير شتاء ولى حسب وصف الشاعرالرومانتيكي شيلي في قصيدته العصماء "ترنيمةإلى ريح غريبة ", ومن بعيد يأتي صوت طقطقة دوران الناعوركما في رواية سرفانتيس"دون كيشوت"ء "

مع صوت الجرس المتدلي من عنق الحمارالذي يديرالناعور كالحمار ينيامين في رواية جورج أورويل "مزرعة الحيواانات ",ومن ثم صوت تغريد قبرة في أعالي الشجر كما في قصيدة الشاعرالرومانتيكي جون كيتس "ترنيمة إلى قبرة ". لعمري هذا مشهد يعادل بلذته الإحساس الرومانسي بالوحدة العربية بين سورياوالعراق بحسب أغنية المغنية الحلبية دلال شمالي وهي تصدح بصوتها تغني عن الوحدة السورية – العراقية المحلوم بها:"من قاسيون أطل يا وطني , فأرى بغداد تعانق السحب"ءء"



حينما  كان بوش الأب يضربنا بقنابله وصواريخه ونحن بالموصل في كانون الاول 1991 ,أنقطعت, من جملة ماأنقطعت من أشياء أخرى ,الكهرباء في دياجير كانونية وزمهرير كانوني كما يصف توماس بيكت بمسرحية ت س اليوت "جريمة قتل في الكاتدرانية" الشتاء في لندن لرئيس أساقفة باريس الذي ينوي زيارة لندن,فيقول له محذرا :"أنت لست متعودا على كانوننا الإنكليزي" . نزلت للسوق بصحبة جاري أبوعماد وأشتريت صندويل باسطرمة. الباسطرمة هي عبارة صوصج هائل الحجم مستوي الشكل محشي بلحم عجل مضاف إليه نسبة معينة من سمن الخروف  وتعلق صندويلات الباسطرمة في المنزل في موقع بحيث يمرمن خلاله تيارهواء للحفاظ على صزاجة الباسطرة من التلف والعفن .  في الحقيقة , يتكون على صندويل الباسطرمة طبقة من العفن الحميد المسالم الصحي اللذيذ كما في حالة الإجبان,وهذا العفن يضفي على الباسطرمة نكهة لايعرفها إلا الذين يأكلونها. وأضافة للحم العجل و سمنة الخروف يتم حشي الباسطرمة بالثوم وبهارات من نوع خاص إسمها بهارات باسطرمة. والغرض من وضع نسبة من سمنة الخروف في حشوة الباسطرمة هولأنه حين قليها في المقلاة , لايوجد ثمة داع لإستعمال سمن الطعام,إنماالسمن سيسيح من الباسطرمة نفسها,وبعد ذلك تسري رائحة زاكية تصل بيت الجيران الذين تداهمهم مع الرائحة الزاكية نوبة حسد بصدد من سيأكل الباسطرمة بعد قليل,.الطريقة المثلى لأكل الباسطرمة هي قليها مع  البيض وبالنسبة للعارفين من اين تؤكل الكتف ,  تؤكل الباسطرمة وهي في الطاوة (المقلاة) من دون تفريغها في صحن او ماعون وذلك لتغميس الخبزفي أسفل الطاوة حيث اللذة تعادل لذة الثمالة. وفي دورة السرجخانة في السبعينات فتح محل قلي باسطرمة كان صاحبه يقدم للزبائن الطاوة من دون ان يصبها في ماعون لكي ياكل الزبون الباسطرمة مباشرة من الطاوة و ينال ملء حقه في التغميس, و كان لدى صاحب المطعم هذا ما ينيف على عشر طاوات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق