الأحد، 11 يوليو 2010

الاستاذ الجامعي

الاستاذ الجامعي عمل رصين مرموق لا يتمكن منه كل من هب و دب.جاء على حين من الدهر كنت استاذا جامعيا. بملتي واعتقادي و بضوء خبرتي، على الاستاذ الجامعي ان يكون ممثلا بارعا. فانا في محاضراتي كنت اتقمص حركات اجساد و تعابير وجوه و انفعالات و نبرات و تهدجات اصوات لورنس اوليفييه، ريتشارد برتن، مارلون ابراندو، رود ستايكر، و غيرهم من عمالقة الفن التمثيلي. و على الاستاذ الجامعي ان يسكب روحه في محاضراته، فاذا كنت محاضراتي اجد متنفسا لانفعالاتي و مكابداتي و انكساراتي الحياتية اسوة بالشخصيات التراجيدية التي كنت ادرسها على الطلبة، فكان يحصل لدي ما يسميه الناقد و الشاعر و الاديب المسرحي ت س اليوت بحالة "معادل موضوعي" بيني و بين هذه الشخصيات. وكذلك هذه حالة شبيهة بما حدث للاديب المسرحي تينيسي ويليامز الذي ابدع في تاليف روائع مسرحية جراء احزانه الشخصية، و كذلك كما حدث للاديب ريتشارد بوروز زعيم حركة البيتز الادبية الذي بعد مقتل زوجته على يده بحادث عارض تملكه شعور بانه كان لديه رغبة في اللاوعي لقتل زوجته، و هكذا على حد قوله، اخذ يكتب و يؤلف هربا من شبح هذا الشعور الذي كان يقض مضجعه. انا على سقطاتي و مباذل و سفاسفي و خزعبلاتي و شعوذاتي و كلاواتي، استطيع الادعاء باني وجدت لي كرسي استاذ جامعي في، حسب تعبير الشاعر الفكتوري العتيد الفريد لورد تينيسن، "قاعة عظمى" الاساتذة الجامعيين المرموقين الرصينين، و هكذا احس مثلهم، بحسب تعبير الشاعر توماس هاردي باني "سلطان كل ما يقع نظري عليه". فبعد احدى محاضراتي عن مسرحية "مكبث" لطيب الذكر شاكسبير، و كان موضوع المحاضرة مشهد قيام مكبث و احساسه بالاثم غداة قتله الملك، لحقتني طالبة و سألتني بصوت هامس: "هل سبق : و ان ارتكبت جريمة قتل؟" قلت لها: "لماذا تسألين؟" ردت: "في شرحك لانفعالات مكبث كان يبدو عليك انك تتحدث بصدق و واقعية عن خبرة شخصية حدثت لك." كان ذلك اعظم اطراء لي جعلني احس بعبقريتي كاستاذ جامعي.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق