الاثنين، 5 يوليو 2010

مقابلة


مقابلة أجرتها جمعية المترجمين العرب الدولية

- هل يمكن لكم أن تعرفوا قراءنا على شخصكم الكريم ؟

- صديق بكر توفيق ( آل حسين أغا أغوان ) من مواليد الموصل ، العراق سنة 1944 ، أستاذ جامعي منذ 1968 وحتى 2000 إذ منذ ذلك التاريخ اعمل بوظيفة مترجم متفرغ . اختصاصي العلمي الدقيق هو المسرحية الحديثة مع انه على مدى سنوات تدريسي الممتدة عبر ما يربو على الربع قرن من الزمن قمت بتدريس الأدب الانكليزي من بيوولف أول عمل أدبي في تاريخ الأدب الانكليزي يعود إلى نفس الفترة الموازية تاريخيا للهجرة النبوية وحتى مسرحية توم ستوبارد موت روزنكرانتز وكيلدنستيرن المقدمة في المسرح سنة نكسة حزيران (يونيو) 1967 . علاوة على كوني أستاذ جامعي فأنا ناقد مسرحي ولقد كتبت العديد من نقود العروض المسرحية في بغداد ، وكنت عضوا دائما بلجنة اختيار النصوص المسرحية لمهرجان منتدى الشباب المسرحي ببغداد حتى سنة مغادرتي العراق في 1995 . كما واني قمت بتدريس طلبة الدراسات العليا بأكاديمية الفنون الجميلة ببغداد ، وكان من جملة طلبة الدكتوراه عبد الستار عبد ثابت البيضاني عميد أكاديمية الفنون الجميلة بجامعة البصرة حاليا ، ومن طلبة الماجستير كانت الفنانة الكبيرة شذى سالم التي تمت موافقتي على إشرافي على أطروحتها في موضوع لغة الحوار المسرحي لكن هجرتي من العراق حالت دون ذلك.



- هل من نبذة سريعة عن ضيفنا الكريم ؟

- مسقط رأسي كان في بلدة برطلة التابعة لقضاء الحمدانية التابع للواء الموصل حيث كان والدي يعمل موظفا حكوميا ، وكان بحكم طبيعة عمله كثيرا ما يتم نقله من بلدة لأخرى . وهكذا قضيت طفولتي وصباي في برطلة ، قرة قوش ، تللسقف ، تلعفر وأخيرا تلكيف . وفي هذه المناطق كان الناس يتحدثون اللغة السريانية ( الكلدانية ) التي تنحدر من الآرامية التي كان يتحدث بها المسيح والنبي إبراهيم ، وحسب المعري في رسالة الغفران تحدث بها آدم أول ما هبط من السماء . ونظرا لنشأتي في بيئة تتحدث السريانية فإنني كنت ( وما زلت ) أتحدث السريانية كأهلها ، بينما في المنزل كنت أتحدث مع أهلي بالعربية . وبإمكان القارئ العزيز أن يكتشف بأنني عشت الترجمة منذ نعومة أظفاري . كما وأن المصدر الرئيسي لثقافتي هو بفضل والدي الذي كان مشتركا بجريدة " الزمان" البغدادية اليومية ومجلة " المصور" المصرية الأسبوعية ، كما وكان في المنزل عندنا جهاز راديو في أوائل الخمسينات في حين كان من النادر أن تجد عند الناس جهاز راديو . في سنة 1956 اشترى والدي مسجلة صوت وكانت اختراعا حديثا لا يتجاوز تاريخه عشر سنوات ، وان صموئيل بيكت صاحب مسرحية في انتظار كودو لم يكتشف جهاز مسجلة الصوت إلاّ سنة 1957 ، وهكذا ونحن في تلكيف ، القرية الفلاحية شمال الموصل اكتشفنا مسجلة الصوت قبل صموئيل بيكت وهو الذي كان يعيش في باريس عاصمة الحضارة والفن والثقافة في العالم . كان لوالدتي اثر عميق في ثقافتي فهي من جهة كانت تعلمني اللغة الانكليزية بالمنزل كمتابعة لدروس اللغة الانكليزية التي كنت أتلقاها في المدرسة ، كما وأنها كانت تقرأ على مسامعي أخبار ممثلي هوليوود المنشورة في الصحافة العربية ، وحتى وقت متأخر كانت والدتي تبلغني بأخبار ممثلي هوليوود ، فمنها سمعت لأول مرة خبر وفاة الممثل برت لانكستر سنة 1994 . وبمجال الأدب العالمي منها سمعت لأول مرة وأنا في سن ما قبل المدرسة قصة رجل يقرض شخصا آخرا مبلغا من المال لقاء قطع جزء من لحم جسمه في حالة لا يسدد المدان المبلغ في موعده المقرر، وكذلك منها سمعت قصة ذلك الذي يسافر مرة إلى جزيرة الأقزام ومرة أخرى إلى جزيرة العمالقة.



- هل لك أن تحدثنا عن حياتك ودراستك؟

- تخرجت من الثانوية الشرقية ، القسم العلمي ، بالموصل سنة 1964 وذهبت للدراسة بقسم اللغة الانكليزية ، كلية الآداب ، جامعة بغداد ، ولم انخرط بدراسة العلوم نظرا لضعفي فيها ، بينما كانت درجتي باللغة الانكليزية هي 92 ويقال أنها كانت أعلى درجة في العراق تلك السنة . عزيزي لا تقل أن الآن الطلبة يأتون بدرجة 99 باللغة الانكليزية ، فهؤلاء نتاج التدريس الخصوصي والتدريس الخصوصي يشحن الطالب المعاصر بالمعلومات التلقينية الببغائية ويذهب الطالب ويعطي على الورق ما حملّه إياه الشحن المؤقت وبعدها تختفي المعلومات في الأثير كما تختفي الساحرات من أمام أنظار مكبث . في زماننا كان الذي يحصل على معدل 75 في الامتحان الوزاري كانت الحكومة ترسله في بعثة إلى بريطانيا أو أمريكا . الفضل في اتقاني اللغة الانكليزية يعود إلى ممارستي خارج قاعة الدراسة وكذلك مساعدة أمي لي في المنزل في إتقان اللغة الانكليزية التي كنت أتعلمها في قاعة الدراسة . كنت من هواة السينما الأمريكية وهكذا كنت أشاهد الأفلام الأمريكية المعروضة في الموصل وبعد نهاية الفلم كنت أحاول تقليد برت لانكستر ، روبرت تايلور ، ايرول فلين ، مارلون براندو ، مونتكمري كلفت وآخرين في تمثيلهم مع محاولة إلقاء ما قاموا به من حوار . وبعدها وقعت في هوى برنامج امرح مع الأنغام وهو برنامج طلبات المستمعين من الأغاني الغربية كان يقدمه غسان خليل صباغ من إذاعة صوت أمريكا صندوق البريد 301 بيروت . ثم جاء صديقي العزيز الحميم هرمز حنا داؤود الاثوري الذي علمني مراسلة الممثلين في هوليوود وأعطاني عناوين كرك دوكلاس ، ستيورت كرينجر ، آفا كاردنر ، روبرت متشم ، جاك بلانس ، ريتا هيورث ، تيرون باور وآخرين وكنت اكتب لهم الرسائل ويرسلون لي تصاويرهم الموقعة من منازلهم في أحياء بفرلي هلز وبيل اير أو مقار أعمالهم في ستوديوهات مترو كولدوين ماير في مدينة كلفر ، كولومبيا في شارع كاور ، بارامونت بشارع ماراثون ومن وكالة شارع سنست بولفارد إلي عنواني في تلكيف .



- هــل تتكرم بإعطائنا نبذة سريعة عن حياتك في مجال الترجمة وانجازاتك ؟

- منذ كنت في المدرسة المتوسطة كنت اصدر جريدة اكتبها بيدي أسميتها دنيا الفن وكنت انشر فيها إخبار ممثلي وأفلام هوليوود وكنت استقي معلوماتي من المجلات والصحف العربية والعراقية ، ثم تطورت وأصبحت استقيها من المجلات الأمريكية بان أترجمها للعربية من مجلات مثل : فوتوبلاي ، موشن بكجرز ، موفي لاند وأخرى .

- ما هي مواهبك وهل من هوايات لا زلت تمارسها حتى الآن ؟

- المراسلة على رأسها ، علاوة على ما مذكور كما أعلاه بشأن مراسلاتي مع ممثلي هوليوود ، ففي السنين التالية ، وبعد أن تطورت انكليزيتي أرسلت صورتي وعنواني بمحلة السرجخانة بالموصل إلى مجلة تين سكرين بهوليوود ، وبعد فترة تم نشرهما وتلقيت ما يربو على الستمائة رسالة ( 4 من بنين والبقية من بنات أمريكيات ) وأرسلت بعضهن وولد واحد من حي برونكس بنيويورك يدعى انجيلو كارسيا تبين فيما بعد أن أخاه الأصغر هو الممثل الهوليوودي الحالي آندي كارسيا . بمسجد الشيخ أبي النصر بالموصل حيث كنت التقي بأصدقائي طالبوني أن أعطيهم عناوين ، لكي يقوموا بالمراسلة وهذا فعلا ما حدث وكنت أعينهم على الكتابة باللغة الانكليزية . مرت الأيام والسنين واقلعنا عن المراسلة ، وإذا بأحد الأيام التقي بالصدفة ببغداد بأحدهم وهو يونس حمدي الصفار الذي كان قد تخرج من كلية الهندسة وقال لي يونس: " صديق ، راح تصل الأمريكية إلى بغداد " . استفسرت :" أي أمريكية ؟ " أوضح قائلا : " كاترين التي أعطيتني عنوانها قبل 7 سنين". وفعلا وصلت الأمريكية كاترين ليس فقط إلى بغداد لكن الموصل أيضا ، وتزوجها يونس حسب الشرع الإسلامي وبعدها سمعت من والده أن يونس غادر العراق في 1971 ولم يعد . وكلما كان يراني المرحوم حمدي أبو يونس كان يبادرني معاتبا : " يا ابن أغوان أنت الذي أخذت مني ابني يونس " .





- هل تمارس هوايات خاصة تحب أن تطلعنا عليها ؟

- هذه الأيام أمارس التأمل الذي هو بمستويين ، الأول : تحليل مجريات وطبيعة الأمور ومحاولة التوصل إلى تفسيرات وتخريجات عن مكونات ومسببات ، وشأني بذلك كشأن بيير بطل رواية تولستوي الحرب والسلام الذي يريد أن يعرف لماذا هنالك فصول أربعة في السنة ، وماذا ينجم عن زواج الناس ، ولماذا يذهب الناس للحروب ، وما الفرق بين الحياة والموت ، ولماذا هناك شر في قلب البشر ...الخ ، ولكن من ناحية أخرى فشأني شأن المركيز دي ساد إذ ما أن اكتشف ما اعتقد أنها حقيقة ، سرعان ما ابدأ اشك في صحتها . والمستوى الثاني للتأمل هو الذكريات ولعل الغريب في الأمر أني أحب واشتاق لأيام المحن والعذاب أكثر منها لأيام الفرفشة والانشراح ، فأنا أحن لأيام حرب الخليج حينما كنت بالموصل في الفترة 17 كانون ثاني ( يناير ) – 28 شباط (فبراير) 1991 ، وشأني بذلك شأن المحاربين الانكليز الذين كانوا يحنون للخنادق بعد نهاية الحرب العالمية الأولى . من جملة تحليلاتي للموقف أن الإنسان بطبيعته يميل لحياة المخاطر والمجابهة أكثر منها لحياة الأمان والاستقرار ، ولهذا أوصى الله بالجهاد . والحقيقة هذا طرح استشفيته أيام كنت أقوم بتدريس مسرحية بريخت الأم شجاعة على طلبة جامعة الموصل سنة 1979 عشية حرب الخليج .

- ما هي أنواع الكتب التي تجذبك وتجد متعة في قراءتها ؟

- منذ قرأت مقتطفات عن حياة عزرا باوند في 1970 وإذا بي انجذب لكتب السير الذاتية وما يتفرع عنها من كتابات الخواطر والمذكرات والمقابلات واليوميات والمراسلات ، ولقد اكتشفت – ولعل هذا جزء من إدلاء دلوي في بئر الاتجاهات النقدية والدراسات الثقافية لما بعد الحداثة – أن في ملتي واعتقادي تنقسم الكتابة إلى نوعين ، الأول : الكتابة " الإنشائية " والثاني : الكتابة " المحادثية " ، كما وان هناك نوعان من الشعر ، الأول : شعر " القصائد " والثاني شعر " خارج القصائد " . ففي كتابات السيرة الذاتية وما يتفرغ منها اعثر على ضالتي : الكتابة المحادثية حيث أحس بان بين الكاتب وبيني علاقة حميمة وكأنما نحن في مقهى نتحدث من القلب للقلب ونحن نشرب الشاي بشارع حلب بالموصل وهذا مكاني الأثير ، بينما في الكتابات " الإنشائية " أحس بالكاتب وكأنه يلقي محاضرة أنا مجبر عليها وإلاّ احتسبوني غائبا . كذلك أنا مبتعد عن شعر " القصائد " حيث الكلام المنظوم المقفى اللهم إلاّ إذا كانت القصيدة " محادثية " . وأحب الشعر " خارج القصائد " الذي أجده في مقال صحفي أو أغنية أو حديث في مقابلة أو في صورة أو لقطة أو مشهد في فلم سينمائي وأحيانا أجد أعظم الشعر في صمت الموناليزا وكذلك أحس الشعر في تأملاتي الشخصية .

- ما هي المحاور الأساسية التي كتبت عنها ، والتي لا تزال ترى نفسك تستمتع بالكتابة عنها ؟

- السيرة الذاتية والمقابلات الصحفية ولقد كتبت عن حيوات عزرا باوند ، برنارد شو ، صموئيل بيكت ، تينيسي وليامز ، المركيز دي ساد ، نيتجه ، آل كابوني ، جارلز مانسن وآخرين ، وكما تلاحظ أنا معجب بالمتذمرين المشوشرين المشاغبين اللامنتظمين اللامؤسساتيين اللاتابعين الخارجين اللامنتمين .

- ما هي أهم الدوريات التي نشرت فيها ؟

- أنا كسول خامل فاشل بالنشر المنظم وكما يقول برنارد شو : " لست قادرا على كتابة موضوع منظم واحد ". وبرنارد شو كتب لمدة سبعين سنة بمعدل خمس صفحات يوميا . وكذلك شأني شأن بيكت الذي صرح ذات يوم قائلا : " لا استطيع كتابة مقدمة لمسرحياتي"، وهو الذي كتب عنه كل من هب ودب المقدمات والدراسات لمسرحياته . أنا اكتب حسب هوى نفسي ليس من اجل النشر إنما كما قال تينيسي وليامز :" أنا لا اكتب لأحد إنما اكتب لنفسي". والدافع الآخر للكتابة هو الواجب . حينما جاءني في ذات مرة رئيس القسم بالجامعة المستنصرية المرحوم عبد الوهاب الوكيل واستدعاني خارج قاعة الصف الذي كنت القي محاضرتي وقال لي بنبرة تهديد أخوية رقيقة لطيفة نافعة لي : " إن لم تكتب بحثا وتنشره في دورية الجامعة سوف تحجب عنك الترقية العلمية التي تستحقها عما قريب ". وهكذا تراني جلست في وقتها وكتبت البحث المطلوب . وأنا الآن اكتب هذه الأسطر لان من "الواجب" علي أن اكتبها في هذه المقابلة . عندي كتابات غير منشورة تربو على الـ 4000 أربعة آلاف صفحة ، مثل تينيسي وليامز كتبتها لنفسي ولو أن تينيسي يختلف عني في انه نشرها وجعلها تقدم على خشب المسرح وشاشة السينما ، ومع ذلك نشرت في الدوريات التربية والعلم ، آداب المستنصرية ، مجلات الأقلام ، الطليعة الأدبية وعدد من الصحف .

- يلاحظ في مسارك التعليمي كما في انتاجاتك تنوعا كبيرا ومرورا من حقل معرفي لآخر ، ما السبب في ذلك ؟ هل يعود ذلك إلى رغبة مقصودة في تعديد خلفيات تكوينك وتنويعها أم انه محاولة دائمة للبحث عن ذات لا تجد نفسها أبدا ؟

- يقول ت س اليوت بمطلع إحدى قصائده : " أنا لا اعرف الكثير عن الآلهة لكني اعرف أن النهر اله عظيم اسمر". إن حقلي هو اللغة الانكليزية وآدابها وتخصصي الدقيق هو المسرحية العالمية الحديثة من ابسن إلى هارولد بنتر الذي أنا اعرف مسرحياته قبل أن ينال نوبل قبل بضعة أسابيع ، ولكن نظرا لسمعتي عن أني ملم ومحيط ومطلع فإن مجالس الأقسام تختارني في تدريس الأنواع المختلفة من المواد . مثال سريع جدا جدا : في إحدى المرات وكانت بداية الفصل الدراسي الثاني وأنا على أساس أقوم بتدريس مساق في النقد المسرحي على طلبة الماجستير بالأكاديمية ببغداد وإذا أتفاجأ بأن المادة المعطاة لي هي الأدب العالمي الحديث وهذه مسألة لم تضايقني إنما أثارت فضولي ، فذهبت للأستاذ الكبير سامي عبد الحميد عميد الدراسات العليا مستفسرا فأجابني ضاحكا ضحكته المعهودة التي سبق وان سمعناه يطلقها وهو يمثل الملك لير أو الخال فانيا قائلا : " لقد اكتشفنا سعة اطلاعك على الأدب العالمي فقررنا هذه المادة لتقوم أنت بتدريسها ". وأعطيت المادة التي غطت أدب : بروست ، كافكا ، طاغور ، جويس ، فوكنر ، محفوظ ، السياب ، شولوخوف .. في مراسلة مؤخرا مع طالبي السابق للدكتوراه والذي هو حاليا عميد أكاديمية الفنون الجميلة بجامعة البصرة الدكتور عبد الستار عبد ثابت البيضاني يقول لي فيها انه ما يزال يحتفظ ويرجع إلى محاضراتي التي كل كلمة قلتها دوَّنها بطريقة الاختزال التي كان يجيدها ، حتى انه دَوَّن أمثالي وتشبيهاتي وقفشاتي وحدوتاتي .

- ما محل الترجمة من الإعراب داخل كل هذا ؟

- كما ذكرت أعلاه فأنا ولدت في القرى السريانية وفي فمي ملعقة الترجمة ، إذ كنت أتحدث العربية مع أهلي داخل المنزل وأتحدث السريانية مع أصدقائي السريان في المحاليل ، إضافة إلى الجريدة اليدوية دنيا الفن التي كنت أحررها وعدد قرائها ثلاثة هم سعود عزو كاتي التلكيفي ونجيب احمد الموصلي وأنا .

- كيف بدأت مهنتك كمترجم ؟

- أعلاه هي الجذور وفيما بعد أخذت اكتب في جريدة الحدباء الموصلية وفي الصفحة المخصصة للمسرح بجريدة القادسية البغدادية وهي صفحة أسبوعية كان يحررها العزيز شفيق المهدي المشهور بإخراج " مكبث " بهندام الكراتيه . وفي عدد السبت 13 كانون الثاني(يناير) 1990 ظهر في تلك الصفحة تأبيني لصموئيل بيكت الذي كان قد توفى ودفن سرا يوم 22 كانون الأول (ديسمبر ) 1989 . والآن هذا التأبين محفوظ في أرشيف بيكت التابع لمؤسسة بيكت الدولية في مكتبة جامعة ريدنك البريطانية ويعتبر هو التأبين العربي المعتمد لصموئيل بيكت .

- كيف بدأت الترجمة ، وهل هي هواية أم أنها وصلت مستوى المهنة ؟

- كما أعلاه .

- ما هي أهم مصادر تكوينك الثقافي ؟

- فتحت عيني على الدنيا وكان في بيتنا تصل جريدة الزمان اليومية البغدادية ومجلة المصور الأسبوعية القاهرية ، وكان عندنا جهاز راديو سمعت عبره من جملة ما سمعت قيام اللواء محمد نجيب والبكباشي جمال عبد الناصر بثورة على الملك فاروق الذي كثيرا ما كنت اقرأ في المصور عنه وعن زوجته ناريمان . وبعد ذلك كانت مجلات السينما الأمريكية وبعدها مجلات الهلال ، المختار ، وفي سنوات النضج مجلات الفكر العاصر ، المجلة ، المسرح في سنوات المرحوم رشاد رشدي . وفي سنوات الجامعة والدراسات العليا كنت اقرأ الدوريات البريطانية والأمريكية .

- من الكتب الدينية ، فعلى رأس كل الكتب وهو كتاب كل الكتب ، القرآن الكريم وبعده الأحاديث النبوية وكتابات الإمام علي .

- ومن الكتب الأدبية أول كتاب في العالم قاطبة وحتى قبل التوراة ( وحتى انه اثر في التوراة حسب استنتاجات المؤرخين الأجانب ) وهو ملحمة كلكامش ، ثم ألف ليلة وليلة وأغاني الأصفهاني وديوان أبي نؤاس ، وبعدهم : كتاب نيتجه هكذا تكلم زرادشت ، رواية دوستوييفسكي الإخوة كارامازوف ( الذي اعتبره كتابا في الأدب العربي لروعة ترجمة سامي الدروبي له ) ، محاكمة كافكا ، مسرحية تينيسي وليامز فجأة في الصيف الماضي ، مسرحية صموئيل بيكت لعبة النهاية .

- لكل عالم ومفكر وأديب مصادر أسهمت في تكوين خلفيته الثقافية العامة من جهة ، وتنمية وتطور ملكاته في مجال تخصصه ، فما هي مصادر ومناهل المعرفة التي كان لها اكبر الأثر في تكوين خلفيتك الثقافية العامة وأيضا خلفيتك العلمية في مجال تخصصك الأكاديمي ؟!

- المرحوم الدكتور فخري قسطندي الذي علمنا مسرحية ابسن هيدا كابلر ومسرحية جيخوف بستان الكرز بجامعة بغداد هو الذي جعلني أقرر أني سأتخصص بالمسرحية الحديثة .

- ما هي المصادر التي أسهمت في تكوين خلفيتك الثقافية العامة وتنميتها وتطويرها ، فضلا عن الدراسة الجامعية ؟

- الكتب المذكورة بعضها أعلاه ، إضافة إلى الأفلام الرصينة سيما أفلام المخرج اليا كازان .

- من هم ابرز الأساتذة الذين تتلمذت على أيديهم وتفتخر بهم ، ولماذا ؟

- المرحوم الأستاذ عبد الوهاب الوكيل الذي سقانا أول جرعة حليب من ثدي بقرة الأدب الانكليزي ، وكان ذلك في بيوولف أول عمل أدبي انكليزي .

- المرحوم الدكتور فخري قسطندي المذكور أعلاه ، وفي لقاء معه بمحض الصدفة في تموز (يوليو) 1969 بفندق أمية بشارع 26 يوليو بالقاهرة أخذني بمساء نفس اليوم إلى مسرح الحكيم ( الجمهورية سابقا ) لمشاهدة فرافير يوسف إدريس تمثيل توفيق الدقن وعبد السلام محمد .

- من الأجانب : ولسن البريطاني الذي حبب إلي أدباء العصر الاوغسطي الانكليزي الذين يعود إلي أساليبهم النثرية الفضل في تكوين أسلوبي في الكتابة ، وكذلك الأستاذ بيمس الذي درسنا ملحمة ملتن الفردوس المفقود والدكتور ابهاوس الذي أخذت عنده مساق التراجيديا والرومانس في مسرحيات شكسبير المتأخرة .





- من هم ابرز الأساتذة الذين تتلمذوا على يديك وتفتخر بهم ولماذا ؟

- عدنان خالد في جامعة العين حاليا ، أكرم جواد في اسبانيا حاليا ، فينوس محمود خضر الحكيم في تلفزيون قطر ، شذى سالم بطلة فلم القادسية إخراج صلاح أبو سيف ، لؤي حقي شاعر القصر ، سهى محمد جرجيس الخفاف رئيسة قسم الترجمة بجامعة الموصل حاليا .

- هل اقتصر اختصاصك على الترجمة في مجال معين ؟

- معظم مواضيعي الأثيرة لدى هي بمجال السيرة الذاتية والمسرحية الحديثة وأفلام هوليوود في خمسينات القرن العشرين ، ودعني أسرك باني لا أترجم إلا المواد التي أحس أني أنا التي كتبتها وليس كتابها الحقيقة . في ملتي واعتقادي المهم في العملية الكتابية ليس المؤلف إنما القارئ ، فالكاتب لا يعدو أن يكون أكثر من خباز وان من يأكل الخبز ويتلذذ به إنما هو القارئ . كان من عادة سقراط أن يستوقف بعض الشعراء على قارعة الطريق في السوق ويسألهم عن معنى بعض أجزائها وكانوا لا يستطيعون الإجابة فيأخذ هو بشرح قصائدهم لهم . كان المتنبي يقول لمن يسألونه عن شعره : " اذهبوا اسألوا بن جني عني فهو أدرى مني بقصائدي".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق