لكي نحفظ بذور القلب ومن أجل الخلود ,يجب أن نعود إلى الماضي :إذن في الذكريات يكمن الخلود من عاد وثمود وذات الأخدود وصالح وهود ومدنهم والأمكنة التي جاسوها من فيافي وقفار وأودية ومقابر وكهوف ومغارات . هنالك بجنوب العراق بلدة أسمها مداين صالح وأخرى إسمها قلعة صالح ,ويقال في مكان مابجنوب غرب العراق ثم العثورعلى مغادرة فيها جثة النبي هود وقد كتب على رقعة أسمه ورسالته للناس . يقول الشاعرالعراقي سعدي يوسف بأن أمكنة الطفولة هي الكنزالذي لايمكن نهبه , فهي المشهد الأول ولاشئ يعدل المشهد الأول. ويدعي ذو صاد أنه من فرط حبه للأمكنة يحس أنه ليس هو الذي يسكن الأمكنة أنما هو مسكون بالأمكنة. وقبل كل شئ يجب أن نتذكرأن الجنة هي أساسا مكان, مكان نتوق للعودة إليه,ولحين يتم ذالك سوف نظل نحب الأمكنة. إذن الأمكنة هي بديل للجنة . يتعامل الشعرمع بدائل الجنة ومع جوهرالنفس البشرية وأن الأمكنة هومن بدائل الجنة ومن جوهرالنفس وهكذا لايكتمل الشعرإلا بحب الأمكنة والتغزل بها كما نفعل ذالك إزاء الجنة . أن من واجب الشاعرأن يدون في مذكراته وكراساته كيف يستطيع النفاذ إلى القلب بإنطباعاته المتكونه عن الأمكنة وبأن أتفه الأمكنة يمكن أن تهبه سرالأكوان إذاماتهيئت له رؤيتها بعيون الروح. أن المتنزه الذي يصفه مارسيل بروسيت في روايته الرائعة "البحث عن الزمن الضائع "الذي كان يجلس فيه للقراءة تحث التعريشة في حقول الريف حيث تجري من بعيد الثعالب والأرانب انما هوصورة مصغرة للأمكنة الرديفة للجنة. ان الصورة المثالية القصوى للانسان هي اوديب في كهفه في كواونوس. وحب الأمكنة يشمل الخلوات المقفرة التي كان يجوسها الشعراء الصعاليك في الجزيرة العربية مابين نجد والسماوة جنوب غرب العراق حيث ذهب المتنبي ليتعلم الفصاحة من لسان البدو القاطنين هناك. هام أولئك الصعاليك بحب الأمكنة لدرجة فضلوا حياة الخلوة في الصحراء والعيش مع الضباع وأبناء آوى على الحياة في المجتمع البشري.كانوا فرسان الصحراء بلا حروب وأمجاد وبطولات. كانوا متمردين بكونهم ظرفاء متأدبين وعلماء كلام ,وأصبحت سيرهم وحيواتهم وأخبارهم مادة دسمة للأسماروالكتب وبالذات كتاب "الأغاني" الذي قضي فيه مؤلفة خمسين وهو يترجم سيرالشعراء والمغنين والندماء الملسونين. قال الناس عن أبي الفرج الأصفهاني مؤلف هذا الكتاب أنه أكذب الناس طرا وهوعاكف في بيته يسرق مايجد من أخباروينسبها إلى نفسه بعد أن ينسبها ويحورهاويصبها بقالب أسلوبه المتميز.مهما يكن من أمر,يعد"الأغاني "هو المرجع في الحياة الأدبية والإجتماعية والفكرية والحضارية للعرب. وبحسب طه حسين فإن أهم كتابين عند العرب هما "تاريخ الطبري " الذي هومرجع في تاريخ العرب السياسي و"الأغاني "المرجع في تاريخ العرب الأدبي والحضاري.
الاثنين، 12 يوليو 2010
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ما أجمل ما ترمي اليه استاذي العزيز فنحن جميعا مسكونون بالأمكنه ومحوطون بسياج من الذكريات من يدلف اليه حقا يستطيع أن يخترق عالمنا الخفي والملغز والذي تسكنه كل الضديات كما يقول إليوت في قصيدته خليط من كل شيء غير نقي .... هكذا اصبحنا بعد فراقنا للاماكن جسديا فقط ..... باسم توفيق
ردحذف