الثلاثاء، 21 سبتمبر 2010

الاستاذ حسن العمري

الاستاذ حسن العمري


اول تعارف لي مع الاستاذ حسن العمري كان اثر اتصال هاتفي من طرفه بخصوص مسالة في الترجمة , و كان ذلك سنة 1984. بعد الاتصال الهاتفي و كان ضحى يوم جمعة , وصل الاستاذ حسن بسيارته الى منزلي بحي المثنى. لدى دخوله المنزل القى التحية على والدي الذي يرتبط معه بصداقة تعود الى اواسط الخمسينات. و بعد الحديث عن امر الترجمة الذي جائني من اجله, تطرقنا الى امور عامة في الترجمة , من جملتها مسالة ترجمة نص انكليزي الى العربية مثل رواية جيمز جويس "يوليسيز" , و خاصة ان الفصل الاخير منها يتكون من حوالي 40 صفحة تتالف من جملة واحدة غير مكتملة لعدم وجود فعل رئيسي فيها , ولقد قمت الى مكتبتي البيتية و جلبت للاستاذ حسن نسخة من الرواية و فرجته على الصفحات الاربعين موضوع حديثنا عن رواية جويس "يوليسيز". عند خروجه من منزلي دعاني لزبارته في منزله الذي اصبحت مواظبا على الذهاب هناك لغاية وفاته في تشرين الاول   1988. كان منزل المرحوم ابي خير الدين في المجموعة الثقافية , خلف فندق قصر نينوى بالموصل صالونا اجتماعيا ادبيا ثقافيا. و كنا نناقش امور الادب و الثقافة و الشؤون الاجتماعية. و ابان فترة تاليفه كتاب "اللقالق" , ادليت برأي عن الموضوع بقولي ان اللقلق كطائر هو صنو للجمل على الارض الذي يشابهه في شكله العام و سلوكياته و طبعه , وهذا ما ذكره الاستاذ حسن في الكتاب مشيرا الي باسمي , هذا ايضا ما جعل الاستاذ حسن يؤلف فيما بعد كتاب عن الجمل. كان من جملة زوار المنزل هيربرت ميسن , استاذ الادب المقارن بجامعة انديانا بالولايات المتحدة و المهتم بترجمة "ملحمة كلكامش" , و الاستاذ جبرا ابراهيم جبرا , و الفنان دريد لحام و الفنانة نضال الاشقر و الشاعر سليمان العيسى. كان من ضيوفه واصدقائه الدائمين الدكتور خليل الشابندر الذي تبين لي انه قارئ نهم للادب الانكليزي , بشهادة المعلومات التي كان يدلي بها و بشهادة زوجته التي قالت انها كانت تخلد للنوم وترى خليلا بيده كتاب , وتستيقظ لترى خليلا بيده كتاب. كان منزل الاستاذ حسن يرفل بالخير و الكرم , فبين الحين و الآخر من السهرة كنا نتفاجئ بتقديمات من انواع الاطعمة , و ما زلت اتذكر كيف في احدى المرات عند منتصف الليل ادخلت لنا الخادمة صينية دولمة مع خبز رقاق مرشوش بالماء و ملفوف بالخاولي و موضوع على طبيقيي. مات الاستاذ حسن خير الدين العمري جراء حبه للشعر و الحياة و الناس والتواصل الاجتماعي

في 22 حزيران 1986 , وباشراف الدكتور خضر الدوري عميد كلية التربية استقلينا حافلة اخذتنا الى معسكر عين زالة من اجل التدريب العسكري. كنا ننزل من المعسكر الى الموصل بشكل دوري اسبوعي علاوة على ما كان يتيسر لبعضنا من نزلات (قجغ)خلال الاسبوع , ولقد قلت لمؤيد عيدان ان نزلة القجغ خلال ايام الاسبوع و نزلة الخميس الرسمية, تقسمان الاسبوع الى نصفين مثل قطعة الشوكولاتة المعروفة المتوفرة في الدكاكين المسماة كيت كات , و قمت لمؤيد بحركات باليدين و الاصابع فقلت له : نزلة القجغ هي كيت و نزلة يوم الخميس هي كات , وهكذا ينقضي الاسبوع بيسر: كيت كات. في احدى نزلاتي للموصل , و لا اتذكر اكانت نزلة كيت ام كات , وانا اتعشى عند والدتي , سالتني الوالدة: ما اخبار صديقك حسن العمري؟ قلت لها: بخير . اجابت بالنفي و قالت لي ان جيراننا ام محمد اخبرتها عن طريق احدى زميلاتها بالمدرسة ان الاسناذ حسن العمري موقوف بالسجن. في اليوم التالي استفسرت عن الامر و علمت ان الاستاذ قد عاد من السجن بعد مدة شهر من مكوثه هناك. في الجمعة التالية ذهبت و معي الدكتور جوزيف نادر لزيارة الاستاذ حسن بمنزله و اهداه جوزيف نسخة من كتابه لترجمته الملحمة الهندية "الرامايانا". امضينا عند الاستاذ حوالي ساعة من الزمن و كان في وضع طبيعي من دون فقدان اي احساس بالدعابة الملازمة له و كان حين الحديث عن اعتقاله يشير الى الموضوع بكلمة "تلك السفرة". بعد حوالي شهر , تزوجت , وسمع الاستاذ حسن بالخبر و اتصل هاتفيا بمنزل الوالد بحي المثنى لعدم توفر هاتف بمنزلي الجديد في حي الجامعة , و اخبرتني والدتي ان الاستاذ حسن امطرها بمكالمات هاتفية يدعوني مع زوجتي لزيارته بمنزله للاحتفال بزواجي . و بعد ان رتبت امر زيارتي , واذا بي قبل ايام من قيامي بتلك الزيارة , وانا في الحافلة عند جسر السويس اقرأ لافتة سوداء فيها نعي المرحوم الاستاذ حسن العمري , و كان ذلك في تشرين الاول 1988, متاثرا بجرثومة اصابته في الرئة
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق