الاثنين، 2 أغسطس 2010

كتابات السيرة

نعيش في هذا العصر زمنا طغت فيه الكتابة بمجال السيرة الذاتية (البيوكرافيا) على الانواع الادبية الاخرى. في الواقع, انتهى الادب من شعر و رواية و مسرحية في الستينات. بعد التحرر الشخصي والحرية الجنسية و الانطلاق الاباحي و نحن نعيش في عصر ما بعد الحداثة . يمكن تلخيص مفهوم ما بعد الحداثة بعبارة واحدة هي :"كل شيء ممكن". لذا ترى المكتبات تعج بالكتابات البيوكرافية التي تشمل السيرة الذاتية للمؤلف نفسه (الاوتوبيكرافيا) و سيرة او تراجم حياة الآخرين (البيوكرافيا) و كذلك المذكرات , اليوميات, الرسائل , المقابلات. انا شخصيا اصبح الادب البيوكرافي , سواء أقراه ام اكتبه هو الادب المفضل الاثير الحبيب الي. انا عندي الآن ما يربو على اربعة آلاف صفحة من الكتابات البيوكرافية, انوي نشرها في يوم ما, علاوة على رسائل من الممكن تعمل مجلد بألف صفحة , كذلك انوي نشرها .  ان كتاباتي التي تجمع ما بين السيرة الذاتية و التاريخ المحلي و التراث اضافة الى الحدوتات هي بملتي و اعتقادي حسبما يقول شيخنا ابو العلاء المعري , كلها مكتوبة باسلوب خفيف لطيف مباشر من دون طنة و رنة الادب الرسمي و هي جزلة و سائغة و رائقة لان طريقتي في الكتابة هي حسب شاعر القرن السادس عشر السير فيليب سدني الذي يقول "انظر في قلبك و اكتب" و مقولة بيتهوفن :"من القلب والى القلب"

من سالم العزاوي

صديق الصديق


اهلا بك واسعدت ايامك وكل يوم وانت بالف الف خير

اسعدني حديثك الموسوعي عن الفليم الذي اطلق عليه في مصر اسم ( قسوة الانتقام ) فأنت يا ا خي تتمتع بذاكرة خارقه وبألتقاطك للذيذ والرائع والمحبب من تاريخنا السينمائي الحبيب

لقد كنت انوي ترك العمل في العراق منذ اول الشهر ولكنني اجلته حتى تصل الهدية القيمة التي انتظرها بصبر فارغ

اسعدت لياليك ودمت بألف خير00

سالم

عن مارلون براندو و الفلم الذي اخرجه

.

بعيد بضعة اسابيع قدم الكاتب ولينكهام السيناريو الجديد لكن وكيل اعمال براندو المدعو فرانك روزنبرك قال انه سيناريو ضعيف لا يصلح كسيناريو لتصوير فلم. و هنا احتدم ولينكام غضبا فنهض و رمى بغضب علبة كبريت من النوع الدفتري على طاولة القهوة بمنزل براندو و اخذ يصيح على براندو بلهجة اهل الجنوب لانه كان من الجنوب :"يجب عليك يا سيد ان تؤمن بموهبتي التي انعم بها الله علي ككاتب." وهنا سحب براندو وكيل اعماله روزنبرك واخذه خلف ستارة صينية كان قد وضعها في الممر المؤدي الى غرف النوم و اقنعه بان يستمر ولينكهام و كوبرك بالعمل ء 

 بعد تلك الصدمة قرر سام بيكنباه ان يصبح مخرجا سينما.
 من جملة ازعاجات براندو هي انه كان يلهي كوبرك و...
 هاريس عن العمل في السيناريو بان يلعب معهم الشطرنج و البوكر و الدومينة وقضاء الكثير من الوقت في الشرب . و لكن بعد مرور ثلاثة اسابيع من توقيع عقد اخراج الفلم اعلن كوبرك بان السيناريو بحاجة الى تعديلات عديدة و هذا ما اثار غضب العديد من جماعة براندو و منهم والده جورج كلاس

لكن بقي براندو على اعجابه الشديد بكوبرك و قال عنه ذات مرة في حديث صحفي مع جوان ستانك في جريدة "نيو يورك تايمز": "ان ستانلي شخص ثاقب الذهن وهو لطيف المعشر, و ذو ذكاء ابداعي خلاق
يمكنه من تحويل المالوفات الى ادهاشات."ء





ابن مارلون براندو

كريستيان براندو, ابن الممثل العملاق مارلون براندو و الذي اذاق والده مر العيش بسبب سيرة حياته المتهورة و المضطربة والتي تجلت بقتله داك دروليت عشيق اخته غير الشقيقة شايان براندو , مات عن عمر 49 يوم السبت 26 كانون ثاني 2008

مات كريستان براندو جراء مضاعفات في الرئة نجمت عن اصابته بالتهاب رئوي . حدثت الوفاة بمركز هوليوود الصحي في لوس انجلس حسب تصريح ديفيد سيلي وكيل اعمال و املاك آل براندو

اثارت المرافعات القانونية التي شهدتها قاعة محكمة جنايات لوس انجلس سنة 1990 بحق كريستيان براندو على اساس التهمة الموجهة اليه بقتل داك دروليت البالغ 26 عاما من عمره زوبعة من الاهتمام الاعلامي جعلت الوالد مارلون براندو يرهن مزرعته في منطقة وادي كولدووتر بمبلغ مليوني دولار ليسدد رسوم تسجيل الدعوة لدى احد مكاتب المحاماة للدفاع عن ابنه, علاوة على الكثير من دموع ونحيب براندو الاب و هو يتوسل امام هيئة المحكمة طلبا الرأفة بحق نجله الاكبر من بين ابناءه التسعة من زيجات مختلفة

كان كريستيان براندو حين ذاك في ال 32 من عمره و في مستهل المرافعات صرح بانه مذنب بارتكابه عن عمد عملية قتل داك دروليت عشيق شايان براندو و والد طفلها غير المولود بعد. صدر قرار المحكمة بالسجن لمدة عشر سنوات , امضى كريستيان منها بالفعل مدة خمس سنوات , ثم اطلق سراحه بكفالة
و بعد مضي عدة سنوات , استدعي كريستيان للمثول امم المحكمة مرة اخرى بشان قضية تتعلق ايضا بجريمة قتل و كانت هذه محاكمة الممثل روبرت بليك بفتل زوجته بوني لي بيكلي


ولد كريستان براندو في 11 ايار 1958 في لوس انجلس و كانت والدته هي زوجة مارلون براندو الاولى الممثلة آنا كاشفي الايرلندية الاصل من مواليد كلكتا بالهند. و كان كريستيان ما يزال رضيعا حين تم الطلاق بين و الده و والدته و نجم عن ذلك سلسلة محاكمات طويلة بخصوص حضانة الطفل
في البداية حصلت الوالدة على حق الحضانة , لكن بعد مضي خمس سنوات غيرت المحكمة حكم الحضانة حينما صدر حكم القاضي بان الوالدة مدمنة على المخدرات و الكحول بحيث تفقد سيطتها على تصرفاتها بشكل يجعلها غير اهل لحضانة الطفل. و هكذا صدر حكم المحكمة بان يعيش كريستيان ,و كان عمره انذاك ست سنين , مع عمته , اخت مارلون براندو الكبرى . في سنة 1972 و بعد ان كان مارلون براندو قد تزوج مرتين بعد زواجه الاول , اكتسب حق حضانة كريستان الذي قامت على تربيته المربيات الخاصات و داوم في مدرسة خاصة في اوجاي

حينما كان الوالد منشغلا بتمثيل فلم "آخر تانكو في باريس" , قامت الوالدة آنا كاشفي بخطف كريستيان و اخذته معها الى بلدة باجا من اعمال كاليفورنيا. تم العثور على الطفل و هو يعيش في خيمة و كان مصابا بالتهاب القصبات

الحت ماما آنا في الحصول على حضانة الطفل لكنها تنازلت عن معركتها في سنة 1974 حينما سمح لها زوجها بان تلتقي بابنها بين الحين و الاخر بشكل معقول

ترك كريستيان المدرسة و هو في الصف الخامس الثانوي و بدأ يعاقر الخمرة و يتعاطى برشام المخدرات. و تنقل من عمل لاخر ومن ضمن ذلك العمل كلحيمجي و حديقجي , كما و عاش ردحا من الزمن في الاسكا و عمل في الصيف سائق مركب لشركة تعليب اسماك . كما و جرب حظه في مهنة التمثيل , لكن على العموم كان يعيش بعد ذلك في عزبة والده الواقعة اعلى التل
و هنك في عزبة والده اعلى التل و في يوم 16 مايو 1990 التقى كريستان براندو بالمدعو داك دروليت بعد ان كانت اخته شايان قد اسرت له بان داك كان يضربها

فيما بعد صرح كريستان في جريدة "التايمز" سنة 1991 قائلا: "حينما دخلت الغرفة لم اكن اقصد قتل داك درويت , فقط اردت ان اخيفه." ء
ثم اضاف قائلا بانه حينما شرع بترك الغرفة و يده ما تزال ممتدة , حاول درويت ان ينتزع المسدس من يده و اثناء المحاولة انطلقت الرصاصة التي اردت
داك ميتا. استطرد كريستيان في تصريحه الصحفي قائلا : "و جلست هناك و انا اشهد ذلك الفتى و هو يفارق الحياة." ء


في المقابلة الصحفية تلك , صرح كريستيان كذلك بان الكشوفات الطبية اللاحقة عن صحة اخته شايان العقلية جعلته يتسائل عن مدى مصداقيتها حين اخبرته بان داك كان يضربها. "احس باني غبي في اني صدقتها." خلص كريستيان للقول
و في طلبه الاستئناف في تخفيض مدة محكومية ابنه , وقف الوالد براندو في قفص الشهادة و اعلن للقاضي قائلا: "اعتقد باني اب فاشل. انا على يقين بان كانت هناك بعض الامور التي كان باستطاعتي القيام بها بشكل افضل لو اني فقط كنت قد عرفتها في وقتها و لكني لم اعرفها." وهنا خنقت العبرات الوالد المكلوم الذي اخذ ينتحب بآهات مكبوتة
و اثناء قضاء مدة محكوميته في السجن , اكمل كريستان دراسته و حصل على شهادة الثانوية

في سنة 1995 , انتحرت شايان براندو بشنق نفسها في منزل امها في احدى ضواحي مدينة بابيت في تاهيتي و كانت في الخامسة و العشرين من عمرها. كانت شايان ابنة مارلون براندو من زوجته تاريتا تريئيبايا التي تزوجها براندو بعد انتهاء الاثنين من تمثيلهما في فلم "ثورة على السفينة بونتي" سنة 1962. كان توكي ابن شايان من داك تروليت الذي انجبته خارج العلاقة الزوجية في تاهيتي في حضانة والدي اباه المغدور داك

في سنة 2005 استدعي كريستان براندو للمثول امام المحكمة للادلاء بشهادته بقضية قيام الممثل روبرت بليك بقتل زوجته بوني لي بيكلي. سبق لكريستان و ان اقام علاقة حب مع المغدورة بيكلي. و قبل الادلاء بشهادته , استعان كريستيان باللائحة القانونية الخامسة المعدلة من القانون المدني التي تخوله الحق في رفض الادلاء باية شهادة او اعطاء اية افادة بخصوص علاقته بالقتيلة. لكنه توجب عليه دفع غرامة الف دولار بصفة عدم احترام المحكمة
حينما وضعت القتيلة طفلة في حزيران 2000 , اسمتها كريستيان شانون براندو و هذا ما دفع كريستيان براندو للاعتقاد بانه هو الوالد. بعد ذلك اجريت فحوصات جينية مختبرية تبين منها ان الوالد الفعلي هو روبرت بليك و تم اثر ذاك تبديل اسم الطفلة الى روز صوفيا بليك

بعد تحريات قامت بها شرطة لوس انجلس ثبتت براءة كريستيان براندو من اية علاقة له بيوم 4 ايار 2001 حينما وقعت جريمة قتل بوني لي بليكي في كافتيريا شركة يونفرسل للافلام
لكن مشاكل كريستان براندو لم تنته.
ففي سنة 2005 وجهت اليه تهمة اساءة معاملة زوجته حينذاك ديبورا براندو. و لم ينكر ذلك فحكم عليه بالسجن مع ايقاف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات. كما و طلب منه ان يخضع لبرنامج اعادة التاهيل للتخلص من الادمان على المخدرات و الكحول و كذلك لبرنامج خاص بالوقاية من سوء المعاملة الزوجية

رفع هو و زوجته الدعاوي ضد بعضهما الاخر ولكن في النهاية تمت التسوية بالتفاهم خارج المحاكم و كان ذلك سنة 2007

مات الاب مارلون براندو في 1 تموز 2004 عن عمر ناهز الثمانين

بالاضافة الى والدته آنا كاشفي , ما يزال على قيد الحياة ستة انصاف اخوة و اخوات لكريستيان براندو

ملاحظات و ذكريات عن سينمات و افلام الأمس

صوت سماعة سينما الملك غازي الصيفي (الوطن فيما بعد) لا يمكن ان يكون هنالك صوت رخيم يصدر من اي سماعة اخرى سمعتها. فصوت سماعة سينما الملك غازي الصيفي بالموصل ابان الخمسينات كان يأتي وينزل على الاذن كأنه زلال. و اجمل ما اتذكر اني سمعته هو حوالي سنة 1957 حينما كانت هنالك مقدمة لفلم "بركادون: معجزات الحب" حيث المذيع يتكلم باللغة العربية قائلا :"ضل هاذان الصيادان الامريكيان الطريق , فاهتديا صدفة الى قرية سحرية تدعى بركادون , و ما حدث في بركادون يعد من العجائب , اذ حينما يقع المرء في شراك الحب , يصبح كل شيْ ممكنا , حتى العجائب"ْ. نعم , كان الفلم امريكيا من انتاج شركة مترو كولدوين ماير , الا ان مقدمته , وهذه حالة نادرة وحيدة لم تتكرر , كان فيها هذا المقطع الذي يتلوه معلق عربي باللغة العربية .




********



في احدى ليالي الصيف بمنتصف الخمسينات خرجنا من سينما الملك غازي الصيفي بعد انتهاء الفلم المعروض و نحن نسير باتجاه المنزل في سوق القطن بالسرجخانة مررنا من امام سينما الحدباء الصيفي حيث الفلم المعروض فيها و هو "اجنحة الصقر" تمثيل فان هفلن و جوليا آدمز كان في فصل المعركة الاخيرة التي كان فيها اطلاق رصاص منهمر , و نحن نسير في عمق الليل كان صوت الرصاص المدوي بصداه في الشوارع المحيطة ما بين باب لكش ومحلة النبي شيت و الدواسة و شارع حلب يسبي الآذان



**********



اثناء جلوسنا على المقاعد في صالة عرض دار سينما الحدباء الشتوي ونحن ننتظر بدء العرض السينمائي على الشاشة الفضية , كانت انظارنا تجوس ارجاء الصالة فننظر نحو السقف الهائل ثم الى الجدران و نتامل الزوايا ما بين اسفل الشاشة و المنطقة الممتدة تحتها , ثم نرفع رؤوسنا للنظر على الشاشة الفضية ذات الاطار الاسود الفاحم. في فترة قبل العرض بالسينما سكوب في 1954 كانت الشاشة مربعة الشكل مقوسة الزوايا قليلا لان الفلم العادي غير السينما سكوب كان شكله مربعا و زواياه مقوسة , بينما في السينما سكوب كان شكل الشاشة مستطيلا ومن دون اقواس



******



في سينما الفردوس الصيفي كنا نجلس ننتظر عرض الفلم , و في هذا الوقت نسمع اغاني فريد الاطرش :"اضنيتني بالهجر" , "اول همسة" , "الربيع" وغيرها. انا لم ولا يعجبني فريد الاطرش لكن احب سماعه الآن لان في سماعي له اتذكر تلكم الايام الجميلة حينما كنا نذهب الى السينما



**********



كان لسينما الملك غازي الشتوي مدخلان: الاول من طرف مديرية الشرطة العامة , و الثاني من طرف راس سوق الخضارجية و القصابين. كنا عادة ندخل من الباب الثاني لانه الذي يؤدي الى مقاعد ابو الاربعين فلس , و كان هذا المدخل , باعتباره قريب من سوق الخضار و القصابين , تنبعث منه رائحة زكية تملأ مناخيرنا , مع الاسف لم اعد اشم هكذا رائحة كما كنت بسابق عهدي , و هكذا ينطبق على موقفي كلام الشاعر ويردزويرث :"والآن اختفى عن ناظري نور لم اعد اره."ءء



********



كان والدي مشتركا بجريدة "الزمان" اليومية الصادرة في بغداد التي كانت تصل الى الموصل بالقطار , وكانت تصلنا الى تلكيف بالبريد بواسطة وكالة التوزيع التي كانت مكتبة الامل لصاحبيها عبد النافع فاضل و سالم قصير. بحكم عادة اطلاعي على الجريدة لكي اقصقص منها اعلانات افلام سينمات بغداد كانت تتسلل الى مناخيري رائحة ورق الجريدة. و اليوم , اول ما امسك اية جريدة , على ان تكون طازجة اي مطبوعة قبل ما لا يزيد عن اسبوع , تراني اشم رائحة الجريدة لأتذكر ايام الماضي السعيد



*********



الغبار او الطوز او العجاج كما نسميه عاميا هو شيء غير محبذ طبعا و نحاول تلافيه والتستر منه. في السينما هناك تحبيذ للغبار , تحبيذ يصل درجة الشعر بحيث , كما يحدث لدينا حين قراءة او سماع قصيدة , نقوم نحب الغبار. في فلم "القطار الى يوما" تمثيل كلين فورد و فان هفلن , ببداية الفلم تتوقف عربة مسرعة فجأة بأمر من عصابة تداهمها , و حينما تقف العربة يصدر من الارض موجة غبار تملأ الشاشة , واذا بالتدريج و الغبار يهدأ تتبين لنا اوجه الممثلين كانما هي تظهر من وراء سحابة تنقشع. و في بداية الفلم في مرحلة ظهور الكتابة هنالك اغنية لمغني افلام الويسترن الشهير فرانكي لين , تقول الاغنية :"هناك اسطورة تقول بان ارواح رجال الماضي تظهر من تحت الارض و تصعد للسماء" , و لتجسيد هذه الاغنية , نرى مشهد الممثلين يظهرون من خلف الغبار كانهم يظهرون من تحت الارض. في فلم "حبيبتي كليمانتين" في المواجهة الاخيرة حينما تهب موجة غبار تؤدي الى نوبة سعال حاد لدى فكتور ماتيور تجعله يستعين بمنديل يخرجه من جيبه , الا ان رصاصة من العصابة ترديه قتيلا , فيسقط على حافة السياج و يطير المنديل من يده في تيار الهواء المشبع بالغبار. في فلم "الشقي النادم" هنالك معركة بين روك هدسن و عصابة الاخوة , يلعب الغبار المتصاعد دورا حاسما في نتيجة المعركة.



من عادة افلام هوليوود الخمسينية ان تقدم لنا كل ما هو جميل و شعري في الحياة , و حينما لا تجد ذلك , تلجأ الى استخراج هذا الجمال و الشعر. فمثلا في اريزونا الصحراوية , لا يوجد الا الرمال , وهكذا استخرجت تلك الافلام الجمال الشعري من الغبار المتصاعد من رمال الصحراء



*******



كانت سماعة سينما السعدون الصيفي (سينما الملك فيصل الثاني) على درجة من الصفاء بحيث , و خاصة اننا كنا نجلس في الصفوف الامامية بابو الاربعين فنكون قريبين من الشاشة و السماعة , كان بامكاننا سماع انفاس الممثلين



******



من يريد ان يكون اعرجا او اعورا او مصابا او مقيدا. افلام هوليوود تجمل لنا هذه العاهات لدرجة تجعل الواحد منا يقوم بتقليد الاعرج تشبها بالممثل روبرت نيوتن بطل فلم "القرصان الاعرج" , و تقليد الاعور تشبها بكرك دوكلاس الاعور بطل فلم "الفايكنغ" , و تقليد المصاب بفجة في رأسه و قد ضمد جبهته من جهة اليمين بلصقة مثل ريتشارد ويدمارك في فلم "السعي وراء الشمس" , ومنظر ريتشارد ويدمارك في فلم "العربة الاخيرة" و هو مشدود الى عجلة عربة هو من اجمل المناظر في الفلم قاطبة لدرجة يفضل المشاهد ان يرى ويدمارك مقيدا على ان يراه طليقا كما يحث فيما بعد

يونس بحري

يونس بحري (الجبوري) من مواليد الموصل نفس سنة مواليد جان بول ساغتغ 1905 فر من العراق مع اندلاع الحرب العالمية الثانية و صادق كوبلز وزير الدعاية النازي الذي بدوره عرفه على الفوهرر الاكبر الذي اوعز بفتح فرع عربي لاذاعة برلين و كان من منبره (كما فعل عزرا باوند في الاذاعة الايطالية بروما) يروج للنازية و يهاجم الحلفاء و كان يستهل برنامجه اليومي على الهواء هاتفا عبارته الشهيرة :"هنا برلين, حي العرب" و لو كان المرحوم والدكم في الحياة لاخبركم الكثير عن يونس بحري. عاد يونس بحري للعراق غداة ثورة تموز وعلى امل ان يرد اعتباره الا انه وجد نفسه نزيل نفس زنزانة توفيق السويدي من رجالات نوري السعيد. اطلق سراح يونس بحري و تشرد و سكن الكويت ردحا من الزمن ثم عاد للموصل و مات معدما مع ان ابنته بروفيسورة بجامعة بغداد و نجله لؤي بروفيسور ايضا , زوجته فيبي مار مستشارة البنتاكون لشؤون الدفاع و كان لؤي استاذا بجامعة قطر قبل اربع سنوات و في جلسة عائلية عراقية عشية الاحتلال الامريكي للعراق اخبرت فيبي مار مضيفها العراقي بان الغزو آت لا ريب فيه. في كتابه "ذكرياتي" يقول المؤلف محمد حديد (والد المعمارية الشهيرة زهاء حديد) بان في سنة 1920 و هو طالب في احدى مدارس الموصل , زار المدرسة مفتش بريطاني و تكريما له قام الطلبة بتقديم عرض مسرحي لمسرحية شكسبير "روميو و وجولييت" ولعدم توفر العنصر الانثوي و على طريقة العروض المسرحية ايام خالد الذكر شكسبير حينما كان الصبيان يمثلون الادوار النسائية , قام بتمثيل دور جوليت في ذلك العرض المسرحي الموصلي الطالب حينذاك يونس بحري. في العام الماضي كتبت لفيبي مار رسائل الكترونية عن حموها يونس بحري ولربما بدافع ابعاد نفسها عن يونس بحري ذي الميول النازية و بكون فيبي مار تعمل في معسكر مناوئ للنازية ردت علي فيبي مار بجفاء قائلة انها لا تستمرئ القشبة على الناس--اعتبرت احاديثي عن حموها يونس بحري ليس من باب تاريخ العراق الحديث لكن من باب القشبة وهي التي اصلا احبت دراسة تاريخ العراق اثر مشاهدتها فلم "حرامي بغداد" في سنة 1940

الأحد، 1 أغسطس 2010

من صلاح سليم

أستاذي الفاضل وأخي العزيز د.صديق


لو كان للزمن آذان واتخيلها ستكون طويلة ومدببة مثل آذان الجان في الف ليلة وليلة لدعتكها دعكا واشفي منه غليلي ..فالزمن جلاد غير مرئي يفرق بيننا ويجعل من المكان حلما.. وهو لم يكن قد اتخذ اجنحة إله اغريقي في صبانا عندما نراقب تلاشي الظل تدريجيا عند مقاعد الحديقة والجامعة..مازالت اوراق اجاباتي على الروايات التي درستنا اياها : رواية "أيما" للكاتبة جين اوستن و رواية "توم جونز" للكاتب هنري فيلدينغ موجودة في بيتي في الموصل تزينها  تصويباتك ....الأيام هنا تمضي ولكن في الطرف النائي من الروح ذكريات عندما كنا نتصيد الأطباق الشهية مثل باجة أتا وتشريب باب لكش وكباب رافع الشواي المطرب الشهير..عالم ساحر مذهل..وكنا معنا يسير اسلافنا....نعم كنا قصائد حرة تتحرك في فضاء من النوافذ المنتهية بنوافذ أخرى الى عوالم الضوء بين غيوم توثينيوس وبوابته الأبدية..الموصل كانت الأقرب الى انكلترا ثقافيا مما هي الآن عسكريا..

لا ادري ان تصلك هذه الرسالة ام انت استاذي صديق بكر اغوان 
صلاح سليم